الأربعاء، 14 أغسطس 2013

[ مـِسكُ الختـَام ]


مَدخل ~




نامت عيون الناس في نوم المريحين
وحنـّا سهرنا الليل واللحظة ثوايب
لحظة تخرجنا وذا حنا مقبلين
نخدم وطنا يوم نادانا نوايب
واصبح لزوم نقول لو كنا حزينين
وقت الفراق اليوم نادانا غصايب
يا عين هلي الدمع ملزومه وتبكين
حان الفراق اليوم هلي يا سحايب
واسقي ديار العلم من عطر الرياحين
حتى يصير الصلد بالطحلب خضايب

**
 


في يوم ليس ككل الأيام
يوم تلاقت فيه أغصان الحزن مع زهور الفرح
وغرد طير التخرج من على أعتاب أبواب الفصول

يوم نسج روعته في أفلاكنا جميعًا
ورفرفت بيارقه من على هامات التعب
مسيرة دامت أثنا عشر عامًا
تجرعنا من الكل والنصب كأسا سرمديـًّا
وسهرنا أيام وليالي للقيـاه

هي فكرة كانت تخالج فكري
تداعب مخيّلتي وأنا أرى سنويّا
فلول المتخرجين بمسيراتهم فرحين
أطرقت لفكري العنان
وأسرجت له قناديل الضياء
فهل يا ترى , سيكون يوم تخرّجنا
يومـًا عاديّا
لأننا
" في مدرسة حكومية "

حاولت أن أبدد أواصر هذه الأفكار النتنه
فليس يقف شيئًا مهما أستفحل أما عزم الحالمين وهمّتهم
حاولت أن أنطق بهذا الحلم عند بعض الأصحاب

فلم أنسى حينما قال لي خليل يومًا :
" على ايش بيسون لنا حفل , وش سوّينا "
ولن أنسى ذلك الآخر حينما ردد :
" تبي تضيع وقتك وتعد وتنسق علشان ناس مهيب مقدره ؟! "
وكحلها آخر حينما أردف :
" وشوله كل ذا الخرابيط , الله لا يهينك أشتغل لحالك "

أخذت زخم هذه العبارات
تنهش في جسد فكرة الوليدة
وتجرعها خيبات الأمل وانقطاعه
فأصبح فكري بين نارين
أولاهما " تحطيم لا يفنى من مقربين "
وآخرهما " صعوبة الحلم وضبابية طريقه "

ومرت الأيام تترى , تجرّ أعباءها المتراكمة آكامًا فوقها
فيوم مزدحم لا تجد فيه موضع ابرة إلا وقد امتلأ
وأشغال تولد بعضها بعضًا , وعام دراسي ثقيل أشرف على الإنتهاء
فصار علينا الإعداد لذلك الضيف الثقيل الذي سيحلّ ضيفًا
أذكر أنـّه يدعى " الأختبارات "

مرة من المرّات , جلست مع نفسي , أتذكر تلك الأيام الرائعة التي قضيناها سويّا في ربى المدرسة
أيام كانت تراقب مراحل نمّوّي منذ الصغر
فهل يا ترى ستنقضي تلك الأيام , بلا تاج أقلدها إيّاه
ولا وشاح ينسج لها
فعلًا قرار صعب ونجاحه ضئيل
( ولكن يبقى هنالك " أمل " )

دفنت تلك الفكرة , بين زخم الأحداث
وتوارت تختبئ من تجريح المحطمين !
حتى أتى الأسبوع الذي بقي على سدل ستار مسلسل التعليم العام
ثلاثة أسابيع
وبعد حصّة رياضيات ثقيلة وطويلة كطول أرقامها وعدد قوانينها
لملمت أغراضي , وعزمت على المسير نحو فصلي
بعد عرض إجابة اختبار لم أحصل فيه حتّى على ثلاث أرباع الدرجة
قال لي أستاذي الغالي : خالد العبيد
" عمر , اصبر شوي أبيك "
أيقنت بعدها أن الهلاك قادم لا محالة
فدراجتي في الرياضيات أصبحت كمؤشر سوق الأسهم تمامًا في نهاية العام
فأصبحت أنتظر وابلاً من المساءلة الأخوية التي سيطرحها على أستاذي عمّا قريب

وحينما رحل آخر طالب قال , وأنا قد تهيّأت لذلك الوابل :
عمر , وش رايكم يكون لكم حفل أو يعني كذا جمعة لتخّرجكم

عذرًا أستاذي , فلقد لامست جرحًا بيد ملئت ليمونًا
فتلك فكرة أصبحت أهيم بعشقها سنينًا وسنين
والحمد لله , اليوم أرى أحد أعمدة المدرسة يخاطبني فيها

فرحت والله من أعماق قلبي , على وجود أناس صادقين
لا يعتبرون العلاقات التي في عملهم , علاقة [ طالب ومعلم ]
بل أكبر من ذلك بكثير !
دار نقاش بسيط أستمر قرابة الخمسة دقائق بيننا
وعزمت بعدها أن أخوض هذه التجربة
وستنجح بإذن الله !

طرقت باب فصلي وأنا لست عمر الذي خرج منذ قليل !
إنّي عمر جديد , مفعم بهدف سأرنوا إليه بعون الله

دخلت الفصل , وكان علينا الأستاذ : سلمان الشهري , ومع مادة هضم هقـّها هذا العام
ليس لذنب سوى أنها حصة واحده في يوم سبت

استأذنته بوقت من وقت حصّته سآخذه قليلاً
فأذن لي , في آخر الحصّة

مرّ الوقت بطيئًا , وأنا بانتظار تلك العقود من الدقائق أن تنقي
وأخذت أقلب أفكاري وأرتبها لكي أطرحهها أما الفصل
وبينما أنا كذلك أذن لي الأستاذ بعد انقضاء الدرس أن أخرج
بدأت كلام ولن أنساه , ولن أنسى ذلك التخبط بين الأراء التي لا حصر لها
فهذا يقول : بعد الاختبارات , وذلك يردف : بعد أسبوع
والآراء والأفكار تمطر عليّ كوابل مطريّ غزير !
لم أخرج بشيء محدد , سوى ما كنت أرغب فيه
وهو [ بداية حياة هذه الفكرة على أرض الواقع ]
فلقد أصبح طلاب ثالث ثانوي جميعًا يتحدثون عن هذا الحفل المرتقب
ويلحون بالسؤال على رائد النشاط والمرشد الطلابي بهذا الخصوص
وهذه كانت أولى الخطوات التي لابد أن تتم
فلقد مللت التنقل " والزحلقة " التي يمارسها معي باحتراف أعيان المدرسة حينما أطرح عليهم هذه الفكرة .
فصوت الجماعة غالبًا ما يكون مدوّيًا !

مرّت الأيام , والفكرة الصغيرة تكبر مع الدائق والثواني
وتوالت الاجتماعات مع المدير ورائد النشاط
اجتماعات كانت تحمل بين طيّاتها تحطيم متوالي لا ينقطع !
فلن تكفل المدرسة بالإعداد والتجهيز والإدارة وحتى الدعم !
( تبونه.. أنتم أقيموه ! )
هكذا قالوه .. ووالله ما زادني ذلك إلا اصرارًا على تحقيق هدف أصبح يعيش في أكنان
مئة وعشرون طالبًا
فكونّاإدارة متكاملة من الطلاب , وجهزنا برنامج حفلنا كاملًا
وما زال الرفض هو سيّد المكان .
من الثلاثاء إلى السبت وجوالي لا يقف عن الرنين
لدرجة أني أصبحت أشحنه في اليوم مرتين كأقصى تقدير ولسان حاله
[ مافيني زود عن الايفون ] ويحك يا " نوكيا " ! *_^
لن أنسى أبدا أخي وحبيبي : محمد الشايع
فلقد حمل معي الحمل الثقيل
فنعم الأخ كان , ونعم القائد , فله مني قـُبلة على الرأس

رسالة وصلتني يوم الإربعاء ( عطلت نهاية الاسبوع )
من " أحمد الحربي – رائد النشاط " يقول فيها :
( عمر , المدير رفض نهائيًا
أنظر إلى الموضوع من زاوبة ايجابية
وعسى أن تحبوا شيئا وهو شرّ لكم )
حقيقة .. أخذت نفسي تحدثني عن تدمير بقايا الأمل الذي كان يسير في مخيلتي !
فجاء الجواب السريع من العقل قائلاً : " لا يوجد مستحيل مع همّة الرجال ! "
فزادني ذلك وأخوتي .. همّةً فوق همّة , واصرار يتبعه اصرار

ومن الغد .. في انتصافة العصر تمامًا اتاني الاتصال من أحد الطلاب .. يسألني عن وصف
" شارع العطايف " لأنه هو المكلـّف بمهمة انجاز وشاح التخرج !
بالفعل .. ما أروع أن تسير في طريق تحقيق الأهداف .
أخفيت أمر الرسالة ,, وأكملت المحادثة .. ويعد برهة من الزمن أتصل بي محمد ولم أستغرب .. فالحفل لم يبقى عليه إلا أيام قليله .. وهو سندي لهذا الحفل !
أخبرته بأمر الرسالة .. فما زاد على أن رفع من همّتي وأيقض ما قد مات من أمل قليل
همسة [ الصحبة هي من تحدد أين أنت .. فكما قال العرب : قلّي من تصاحب أقل لك من أنت ]
بدأ التجهيز على قدم وساق .. ولا زلت أذكر المدرسين والفصول
فلقد أدمنوا حضوري يوميًا بأخبار وتوجيهات جديده !

الوقت قصير .. فعلًا فعلينا إنجاز التجهيزات في أقل من أربعة أيام .. لحفل كبير !
ولكن " ما أروع أن تجعل الصعوبات والعوائق وقودًا تزوّد به همّتك ."

وانقضت تلك الأيام الأربع سريعًا ..
وجاء اليوم المنشود .. وابتسامات منذ الفجر تشرق مع شروق شمس يوم التخرّج على هامات مجمّعنا الغالي .. فالشباب موجودون في المجمّع .. وبعض " النكبات " تلوح لنا على مضض !

فلن أنسى ولم أنسى .. يد الشباب الواحدة التي كانت في التجهيز ..
ولن أنسى ولم أنسى .. أحبتنا في " ثاني ثانوي " وتكفلهم ببعض لجان الحفل
وعلى رأسهم .. شعلة الضياء .. ونور الصفاء .. [ أسامه بن محمد النجيفان ]

الوقت سريع جدًا .. لم يبقى على بداية الحفل إلا خمس وأربعين ساعة .. والآن وقت التدرب على المسيرة .. مسيرة تخرج لسنين طوال !

وزعت الأوشحة , واصطفت الفصول طوابير استعدادًا " للبروفات " .. وما أروع تلك المبادرة التي ما زلت أذكر جمال روعتها منك يا أستاذ : سعد الخدري .

بدأ الحفل ..
وبدأ معه روح جديدة من حلم قد تحقق
حلم تحقق .. وهدف قد نطق في فَلك المجمّع
فنحن الدفعة ال 14 هي الدفعة الأولى على مستوى المجمّع منذ تأسيسه التي تقيم هذا الحفل
وأنا أعتقد أنّه أول حفل تخرّج تقيمه همّة الطلاب في وقت ضيّق لا يكاد يذكر
بدأت المقدمة من مركب عضوي رائع والله يدعى أ. بدر عسيري ..
بعدها كان العامود الفقري للحفل [ مسيرة التخرج ]
بدأت المسيرة من الصالة الرياضية , بخطوات ثابتة .. خطوات تجسدت فيها أسمى معاني الطموح وأرقى معاني النجاح , فخطوة متزنة تعقبها أخرى .. طلاب ثالث ثانوي يسيرون بين آبائهم ومعلميهم وأخوانهم الطلاب ,, كأروع ما يكون .. يالله ما أروعه من يوم !
أصطف الطلاب كل في المقعد الذي حدد له , وجلسوا وسط تصفيق ملأ أرجاء المكان
لو نطق .. لقال : حق لكم والله
بعدها ألقى الطالب : عمر الوهيبي آيات قرآنية شرف بها مسامعنا وسما بنا عن دنيانا
ثم أعقبها الكلمة التي كانت تحقيق لوعد قطعته على نفسي .. فلقد ألقى المدير في الحفل
أ‌. عبدالله السحيباني .. كم أنت رائع بحق .
تلى ذلك كلمت للطلاب تشرّفت بأن أكون أنا الشادي بها .. فشكرًا أيها الدفعة الرائعه
بعهدها العرض الذي لم يكن ليرى النور .. العرض الذي تعبنا في اعداده .. مونتاج صدح به معلمونا الأكارم الذين هم ضياء هذه المدرسة ونورها

وختم حفلنا بتكريم لكل معلم تشرفنا بالتعلم على يديه .. وكل طالب سعدنا بالدراسة معه .. وكل شعلة لو الله ثم أياه لم يرى هذا الحفل النور

باقات أهديها

أ. عبدالله السحيباني . أتمنى أن أعود طالبًا تحت ادارتك مرة أخرى
أ‌. خالد العبيد . كنت والله الجندي الخفي لهذا الحفل
أ‌. بدر عسيري . لا فض فوك أيها المقدم الرائع
أ. ناصر الحمد . يعجز اللسان عن شكرك .
أ. سعد الخدري . شكرًا لك أيها القائد الكشفي
أ. أحمد الحربي . لا حرمك ربي الأجر

محمد الشايع .. كم أنت رائع بحق .
أسامه النجيفان .. لك وقفة اجلال لودك
بدر الشثري . وقفة اجلال لك أيها المصمم المتألق
عبدالله العرفج . لولا الله ثم أنت .. لكان الحفل أوراقا مبعثرة !

أحمد الشباني . خالد الدهمش . عبدالرحمن الدرويش . عبدالاله الغنامي . منصور القحطاني . عبد المحسن السويلم , ابراهيم الخلف . مازن الخليفه . ريان القحطاني . عبدالله الحنيحن . عائض القحطاني . عبدالعزيز اليوسف . فيصل العسكر .محمد الدلقان . حمد المشعل . أحمد الهايف . محمد أبابطين . عبدالاله العجلان .. إلى كل من ساهم .. شكرًا لكم

ختامًا ..
تقف الحروف عاجزة عن الكتابة
ويحتار القلم اجلالاً فيكم .. فلو كتبت ما كتب .. فما زلت غير موفٍ لكم ومجحف في حقّكم
همسات أهمس بها في كل أذن من آذانكم .. شكرًا لكم .. شكرًا لكم
فوالله .. لن أنساكم
لن أنساكم .. لن أنساكم ما حييت أبدًا .

أحبتي وأخواني في ثاني ثانوي
كان من أهداف حفلنا أن يكون سنوي
وبحمد الله تحقق .. فمبارك لكم حفل تخرّجكم العام القادم

ما أروع أن يرى الانسان حصاد عمله ~

أخوتي .. أبناء دفعتي .. دمتم في تفوق
وسنلتقي بإذن الله يومًا من الأيام
بأرقى الشهادات وأعلى المناصب
وسنكون بإذن الله .. طوب بناء لأمتنا العظيمة
 

مَخرج ~

مني عهد والعهد عهد المخلصين
والله ثم والله ما انسى الصحايب






أخوكم ومحبكم
عمر الضباح
يوم الجمعة الذي يسبق الاختبارات النهائية

باسبوع واحد وبعد الحفل الرائع
 2 / 3 / 1432 هـ
الساعة 11:40 ص

هناك 3 تعليقات:

  1. كلّ معاني الجمال تجسدت هُنا !
    جمال الصياغة و وصف الأحداث مع التشويق و الأحداث المتقلبة ذاتها
    و الأسلوب الذي جعلني أتنقل من شعور لآخر ما بين حزن لأمل وما بين إحباط لـ همة ..
    ذلك الكاتب الجيد .. هو من يقلب مزاج القارئ كيفما يشاء ويجعل الحواس شاخصةً مع الأحداث
    " تنفع روائي يا أخي "

    هنيئاً لك تلك الهمة و ذلك العزم .. و راااااقتني تلك :
    " فليس يقف شيئًا مهما أستفحل أمام عزم الحالمين وهمّتهم "
    عميقة جداً و لو أنك أتخذتها شعاراً في حياتك لـ فنى كل صعب و عسير أمامك

    حمداً لله على الذكرى الجميلة المؤرخة
    وحقق الله لك المنى

    ردحذف
    الردود
    1. أحيانا ..
      قد ندع القلب يملي على اليدين فيخط دون الرجوع لمحكمة العقل , قد ننجح وقد نفشل ولكن في كلا الحالتين التكلفة باهضة ..

      شكرًا لتشريفك حرفي المتواضع

      حذف
  2. جميل أنت يا عُمر ، لم تتغير من تلك السنين إلى الآن !

    ردحذف