الأحد، 29 سبتمبر 2013

إلتفاف الغصن









ذكريات عُمريَّة (1)





[ إلتفافُ الأغصان ] 



عجيبة تلك الأشجار الكثة العالية، حينما تقفُ باصطفاف مُتقن حول بعضها البعض في إحدى الغابات .. تنبهر من جمالها وتأخذ إحداهن لتتفحصها عن قرب علك تكتشفُ مكانين الجمال وجلال الكمال، تقترب منها يدفعك الفضول ويجرّك عطشك نحو ينابيع الحُسن ، تقترب لأجملهنّ فتتفحصها بهيبة الإحترام ولهث الشوق .. فجبروت المنطق وأدبيّاته تنهار في بلاط الجمال.

تستغرب من جمالها وتناسقها، وتسبّح الخالق كيف أبدع .. تتأمل الأغصان كيف إلتفت باتساق على الجذع ، وكأنها طفلة تائهة قد اهتدت إلى أحضان أمها فكبّلتها في حنان ، ترجع رأسك إلى الخلف كي ترفعه على أمل رؤية القمة .. فتشدّك أعشاش العصافير المتناثرة عليها وكأنها تهمس في أذنيك وهي قائلة .. أمانُ الطائر من أمان عشه، وسعادة بيته من سعادة شجرته.

تتراجع بخطواتك في هدوء إلى الخلف فيبدد سكون صمتك صوت تحطم غصن وتناثر أوراقه .. فتبعد قدمك عنه لتكتشف غصن مثمر قد أخذ من الحسن حقه متمدد باستسلام للموت الذي يسري من أطرافه في اصفرار فتتساءل بذهول على عجل .. كيف حدث ذلك ؟ وكيف يفرط جذع بفلذة كبده ؟ فتبحث بفضول غير الفضول الأول عن السبب .. فضول الشفقة والرحمة فترى بجانبه جذع يتمايل في انكسار ويئن في انهزام فتقترب منه لتواسيه بلغة الكون فترى العجب !

يا ترى لماذا أغصانه في كل حدب تذهب ؟ وليس إلى أصل يعود ؟ يا ترى لما أصبح لقمة سانحة لكل هبة هواء تلعب به كيف شاءت بعكس أغصان الشجرة الأولى التي تقف في شمم متحدية عواصف الصحراء دون تزحزح .. أللتفرق دور حتى ولو كانت الجذور واحدة ؟

: هلا .. عمر .. ركبنا وينك ؟

أصحو من خيالي واستجمع بقايا الواقع من حولي لأكتشف أين أنا فأجد الموج غاضبًا وهو يواصل دفعه لقدمي المغروستين في حرمه وكأنه يحاول إخراجها .. فأنا ابن الصحراء لا البحر ، صديق الضب لا السمك :)

نهضت ولملمت أغراضي من عند الشاطئ وعدت أدراجي نحو الشاليه متأملا فلما وقفتُ على أعتابه ابتسمت وأنا أقول : نحنُ أغصان والجذوع عوائلنا .. لن تفيدنا جذورنا إن تفرقت أغصاننا .. فلنلتفَّ حول الجذوع ونتلوا تراتيل الشكر في خضوع ونقول : إنّ الأغصان إذا تفرقت تبعثرت.

فباسم الله ابدأ الذكريات العُمريّة .. لا تنتظر مني سردًا قصصيًا , فلست من يهوى الظواهر, ولا من يُعجب برأس الجبل الجليدي .. ولكن أنتظر مني الغوص في أعماق الأحداث واستخراج لآلئ الفوائد المكنونة بداخلها, والتأمل بين سطورها جيدًا , فاحتملني يا صديقي : )

الأربعاء، 25 سبتمبر 2013

[ يا بحرُ .. ]






[ يا بحرُ .. ]

يا بحر .. كم تطربني ، 
فنسيمُك طهر يلفحُ الوجدان .. 
وأمواجك تتكرر لا تعرف النسيان .

يا بحرُ ..
كم من صمت تحمله ؟
كم من عمل تقوم به ؟
كم من مُبحر يشقّ عبابك ؟
كم من حيّ يُرزق ببابك ؟
كم من غريق يشكو قسوتك ؟

يا بحرُ ..
هل من موج يحملني ؟

لأذهب إلى الأفق البعيد ، 
هناك حيث السمك يسبح لا يخافُ الصيّاد .. 
والبطّ يلهو لا يخشى الجوارح ، والدلافين تسبح بحريّة لا تُقاد !

يا بحرُ .. كم من نفسٍ فيك زهقت ، وكم من نفسٍ منك حيت ؟

باختصار أنت كعالمي العربي ، 
مبنيّ على المتناقضات .. ومرسوم بالحدود .. ومجمّل بالأوهام !

يا بحرُ ..
يأنس بك العاشق ، 
ويبكي على جالك الحزين ، 
ويصفك آل الغرام بأنّك ملاذ لهم .. 
فقلِّ بربك ما حقيقتك ؟

أساوي جلستي .. 
وأشيحُ بناظريّ إلى الأفق .. 
فأشعرُ بنسيم صافي يلاطفني .. 
فأستنشقُ منه صفاءً ينعشني وأطأطئ رأسي متأملًا في الموج !

أكادُ لا أحصي عدد الأمواج منذ أن جلست على تلك الصخرة الداكنة أمامه !

شعور من الفزع يغشاني .. 
حينما أرى تلك الصخور الصلبة المتناثرة على جاله .. 
كيف نُحت أكثرها وكيف سحق بعضها ..
يا ترى هل هذا ما يدعى بالمداومة ؟

أعلمُ أنك الآن تتساءل .. وما المفزع في هذا المشهد ؟

ابتسم وأنا أتذكر الكثير والكثير من الأحداث الصغيرة 
التي غفلنا عنها ثم تكون القشة التي قصمت ظهر البعير .. 
أتذكر كيف العرب قديمًا كانت تقول : ومعظم النار من مُستصغر الشرر !

يا بحر .. اعتذرُ إليك !
أطلت النظر في محارمك ولكن ذرني أتأمل فيك وأخبرهم أن : البحر صامتٌ ولكن أحيانًا يتكلم !

فتأمل في البحر وقل : تذكرني بها .. فسبحان من سوَّاك فأبدع .




الثلاثاء .. ٤ / ٩ / ١٤٣٣ هـ
٦:٠٠ عصرًا من أمام احدى البحيرات
بعد دوام مرهق طويل من على صخرة الخواطر

هَذَيَانُ عُمر | ..










هَذَيَانُ عُمر | ..


" @Omar_bah

نسيم بحر .. زقزقة للعصافير .. أمواج متلاطمة
ونفسي تخاطبني قائلة : وماذا بقي .. فالحبرُ يقطر ! "

أبتسمُ لها وأعاود النظر للأفق ..

تعاود الكره .. عمر أحقًا أنت عمر ؟

أحقًا أنت عمر .. أحقًا أنت عمر ؟

فعلا .. أحقًا أنا عمر ؟

وقت متقلب وحال غريبة .. باختصار هو حالي الآن . !

ولما السؤال ؟

- لا أعلم ولكن أعندك له جواب ؟

أشخص بناظري وأخلل بيدي شعري ، 
فتعلق به خصلت سوداء تلمع تحت أشعة الشمس الذهبية .. 
وكأنها تجيبني نعم أنت عمر !

أتفكر في هذه الخصلة السوداء .. 
وكأني لوهلة شعرت بسموم الظهيرة فعادت لي روحي .. 
نعم أنا عمر .. أنا ابن الجزيرة ، أنا المسلم العربي العدناني ..

أنا عمر وكل رملة من رمال الجزيرة هي أنا .. أنا عمر الفاروق .. أنا عمر المختار ..

أنا تراث أرض وحضارة زمان .. أنا ماض يعيش في حاضر ، أنا سكون يعيش في ضجيج ..

أنا أمجاد اليرموك ، وصولات القادسية .. 
أنا بلاط الشهداء أنا قيروان تونس .. أنا جبال الأفغان .. أنا وعورة اليمن ..

أنا جرح سوريا .. أنا فلسطين الميتة

أنا بغداد أنا دمشق أنا الرباط أنا موريتانيا

أنا من سكنت روحي تراب خرسان .. ونهري سيحون وجيحون

أنا يا صديقة متعبٌ بعروبتي ... فهل العروبة لعنةٌ وعقابُ ؟

مهلا .. مهلا عمر !
فما أنت والله بعمر ..

- لم أعهد عليه الأنا .. ولم أخاله يومًا رددها .. فقلي بربك حقًا .. أأنت عمر ؟

صدقتي والله يا صويحبتي ، ولكن لا تلوميني فأنا جسدُ عمر !

- جسدُ عمر ؟

نعم أنا جسده .. فروحه محلقة لم تهدأ منذ أن عرف تاريخه .. 
روحه أصبحت كطائر النورس الذي فوقنا ولكن من غير صوت .

- عمر .. ما بالك تهذي وكأنك تحوم ولا تصل ؟

عذرًا .. ففي قلبي آلاف الجمل .. تريد الخروج فما العمل ؟ .. 
أسامر الأرض هنا فتهب عليّ ريح لتهمس في أذني : يا غريب أصمت ..

أحاول الترتيب والجمع بينهما فيثنّى الجمع ولا يُجمع !

فقولي لي يا صويحبتي ما العمل ؟

- الآن فهمتك يا فاقد نفسه .. الآن فهمت يا عمر .. 
أكلّ هذا يحص ، وأنا نفسك ولا أعلم .. فمتى يا عمر .. 
تتخلى عن عادتك السخيفة .. وتخرج ما في نفسك على عجل .

ليس قبل أن تأتي .. فهي بعيدت لم تزل !

- ومن هي ؟

Omar .. Come !

أعتذر منك .. أعتذر باسم عمر !
فما كان في الأعلى .. خربشات .. لا بل [ هذيان عُمر]



هذيان عُمر | من أمام بحيرة مونونا
قبيل غروب شمس آخر جمعة من شعبان .. ٧:٠٨ عصرًا
بعد إنهاء المشي حول البحيرة